السادة العلماء
الأساتذة المحترمون
الحضور الكريم
السلام عليكم و الرحمة و البركات،
يشرفني أن أقف بمناسبة توقيع هذا الكتاب المهم، و الخطير، و الجريء…
إنها مناسبةُ انطلاقة هذه الصيحة أمام انغلاق العقل،
و هذه الدعوة لفتح جميع مشارعه.
انطلاقةِ هذا الدواء الطارئ للأوجاع المزمنة التي أصابت الأمة
و المراجعةِ الصريحةِ لهزائم الأمة الفكرية.
فالأستاذ مصطفى العمري لا يدع حروفاً غير منقّطة، و يُغني قارئه عمّا بين السطور بما عليها، و عمّا في بطن الكلام بما هو في ظاهره…
فبيانه واضح، و كلامه جريء، و رسالته مشرقةٌ كالشمس في وضح النهار … لا يخافُ فيها لومة لائم، و لا سلطاناً جائر.
ما فعله الأستاذ مصطفى العمري ليضيف معركة جديدة في الحرب لتحرير العقل العربي و الإسلامي من الهيمنة الدينية و الوراثية، الحرب التي خاضها من قبله الدكتور محمد أركون، و إبراهيم البليهي، و نصر حامد أبو زيد، و الدكتور محمد عابد الجابري، و محمد إقبال، و عبد الكريم سروش، و غيرهم، هو أنه أخذ بيد القارئ ليمشي كتفاً بكتف معه في رحلة فكرية عبد السؤال … السؤال الذي يوجهه الأستاذ مصطفى و معه القارئ إلى النصوص الموروثة.
عجيب أيها العمري كم أنت مرهف الإحساس مع قارئك، كثير العناية به، حريص عليه، كيف لا و أنت قد أهديته كتابك، و ترجوه هنا ليفتح قلبه لك، و تدعوه هناك لأن يساهم في نشر حركة الوعي و التيقظ.
يستخدم الأستاذ مصطفى ليحيط بالموضوع الشائك لكتابه بمصطلحات جديدة يبتكرها حيناً، و يحيها من مفكرين سبقوه حيناً آخر ليعطيها بعداً جديداً ديناميكياً، فهو يريد للقرائ أن يعي القيود التي ولدت فيه و ترعرعت معه، و يسميها بالقيود القدرية، أو قيود النشأة و التربية، أضف عليها ما يسميه بسلطة المحاذير الاجتماعية، التي تصنع ما يسميه بثكنات مفارز الفحص و التفتيش، التي تمنع العقل في مرحلة النضوج من الخروج عن المألوف أو المتوارث أو المقدّس، و يفكك الكاتب مصطلح العقل المنبثق ليضعه في متناول القارئ، و كأنه يدربه عليه.
وفّر العمري وقت القارئ و اختصر عليه المسافة العقلية في قطع الخطوط الحمر و علاج الفوبيا بخوضه مباشرة بالحوار الفتوح و ما يسميه “حديث المكاشفة” مع نبي الإسلام، حديث شخصي صريح و مرهف و مؤدب و جريء، فيجعل القارئ و كأنه جالس يشاهد هذا الحوار بين مصطفى العمري و النبي، و لكن تشكل الأسئلة أغلب هذا الحوار، و يجرّ الكاتب القارئ إلى الحوار، فيجد نفسه قد دخل في الحوار مع النبي و الكاتب من حيث لا يشعر، و هو بذلك بعالج الفوبيا الدفينة في نفس كل قارئ مسلم، و يدرّب العقل على السؤال … السؤال الذي هو مفتاح العلم و باب المعرفة.
لن يسعني أن أمضي في الكلام حول محطات الكتاب الكثيرة، فإني أترك ذلك للقارئ